في قرية عرب مطير؛ انتشرت مؤخراً ظاهرة تفاجأتُ بازديادها؛ ظاهرة لا تحمل سوى الموت - أعاذنا الله وإياكم - للنشأ الصغير،
للبراعم المُتفتحة التي تتحسس خطاها في الحياة، وتقترب من الرجولة الكاملة بخطى حثيثة..
شباب دون السادسة عشرة أو أعلى من عُمرهم،
وفجأة يسمع الوالدين خبر إصابتهم في حادثة تصادم مع سيارة، أو سقوط من فوق الدراجة النارية(الموتوسيكل) بسبب انطلاقه بسرعة فائقة، أو دخوله في سباق مع أحد أصدقائه بدراجته النارية كذلك، على الطرق المسفلتة والسريعة،
ويحدث ما لا يُحمد عقباه..
الدراجة النارية، أو الموتوسيكل أو المكنة - سمِها كيفما تراءى لك - أصبحت خطراً بات يهدد نشأً كثيراً بالقرية،
وقد سمع معظم أهالي القرية مؤخراً عن عدة حوادث، وصاحبتها عدة إصابات أو وفاة، وكل ذلك قطعاً لا يريده أحداً لأبناءه أو لأبناء غيره...
ولكن أين يكمن السبب؟.
قديماً؛ حينما كنا نخطوا أولى خطواتنا نحو البلوغ،
كان ”التدخين“ وهو عادة سيئة لا جدال؛ مظهر كنا نعده من مظاهر الرجولة؛ أن تحمل بجيبك عُلبة سجائر حتى وإن كانت لا تحوي سوى على بعض سيجارات فرط، تلك كانت الرجولة في نظرنا آنذاك،
كنا نُقلد الكبار من المدخنين، ومبعث هذا كله أن نرى في أعين بعضنا البعض أو الكبار نظرة نشعر من خلالها أننا كبرنا، أصبحنا رجال..
ولكنا لمَّا كبرنا أدركنا أن الرجولة ليست بالتقليد، وليست بالتدخين، إنما الرجولة بالمحافظة على تفرد الشخصية واختلافها، وعدم اتباعها لأي قطيع،
أو لأي أفكار؛ بل لابد من قياس أي عادة أو شيء على مصلحتي وصحتي ووضعي ودنياي وآخرتي،
ومن ثم إن كنت أمارسه أم لا..
أما الآن فقد أصبحت قيادة الدراجات النارية مظهر من مظاهر البلوغ والرجولة؛ يقترب الشاب من العشرين،
وفجأة يخبر والده بأنه في حاجة لدراجة نارية!.
ومن المُفترض هنا أن نجد الرفض من قبل الوالدين، وليكن الدافع هو الخوف على أبنائهم من الحوادث والطرقات وشرها،
وكما قيل في المثل «بابك المقفول يمنع القضاء المستعجل» ولكنك تجد قبول، وتجد الوالد قد اشترى بالفعل لابنه واحدة - دراجة نارية - ولا يتساءل قبلها؛ كيف سيتعلم ابنه قيادتها؟
وهل سيراقبه لفترة ليعلم إن كان ابنه متهور سريع في قيادتها أم لا؟..
ويبدأ الابن في التمتع برجولته، وممارسة مظاهرها كما يراها، ويبدأ في مباراة أصدقائه،
والدخول في السباقات، والشباب بطبعه متهور؛ فلن يعرف قيمة الصحة والمال والجهد إلا فاقدهم..
وعلى الأسفلت، أو الجسر، أو الطرقات السريعة تحدث الفاجعة، ويصطدم الشاب بسيارة،
أو يقع أثناء جريه بسرعة مجنونة... ألخ، وبعدها يندم الوالدان في وقت لا ينفع فيه الندم..
عزيزي الأب المُهمل؛ القدر ليس أن تهمل ابنك وتلقي به في التهلكة، القدر هو علم الله المُسبق بما ستفعله أنت وابنك بإرادتكما، وكتابته له،
فالله لن يفرض عليك الشر، الشرور والاهمال من البشر؛ لذا فليتحمل كل أب المسؤولية،
وليراعي الله في النشأ؛ اغضب ابنك ولكن لا تقتله..
صاحبت هذه الظاهرة ظاهرة أُخرى مرتبطة بها؛ دراجات نارية بلا أوراق وبأسعار زهيدة،
وتُباع لأي أحد صغيراً كان أو كبير، فتزيد من الطين بلة، وتساهم في قتل أبنائنا..
ورسالتي لأولئك أن يتقوا الله، وليعلموا أنه كما تُدين تُدان، وإن كان للناس أولاداً فلك أولاد،
وليس الله بغافل عن العباد، ويمكن أن تُعرض للمسائلة القانونية في أي وقت إن تم إثبات ضلوعك في أي عمل منافٍ يضر بأي أحد كان،
فحب للناس ما تُحب لنفسك؟..
«وأدام الله عليكم وعلينا العافية والسلامة والرضى والستر وراحة البال»
______________________
شارك المقال على صفحتك لتساعد في نشر الخير..
ولنشر مقالك وأفكارك بموقع عرب مطير راسلنا على الصفحة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق